الشهيد يعقوب المقطع
يعتبر القديس يعقوب المقطع من أشهر الشهداء الفارسيين. دْعي بالمقطع، لأن الوثنيين كانوا يبترون أعضاء جسمه عضوًا عضوًا، أما هو فلم تحرمه تقطيع أعضائه عن حياة التسبيح الله والشكر الدائم. آلامه الجسمية لم تنزع عنه فرح قلبه الداخلي.
نشأته:
كان والده من العظماء، وكان محبًا للسيد المسيح، يسلك بلا لوم، وقد بنى كنيسة على نفقته الخاصة، واشتهر بمحبته للفقراء والأرامل والأيتام. تمتع يعقوب بالحياة المقدسة منذ نعومة أظفاره، نال قسطًا وافرًا من التعليم وتزوج امرأة تقية مؤمنة.
مشير للملك سكراد:
كان القديس يعقوب المقطع من جنود سكراد بن صافور ملك الفرس. ولشجاعته واستقامته ارتقى إلى أسمى الدرجات في بلاط الملك، وكان له عند الملك حظوة ودالة حتى أنه كان يستشيره في كثير من الأمور. كان الملك يعبد الشمس، ولم يكن يمنع العبادة المسيحية، لكن حدث أن أسقفًا قام بحرق معبد الشمس، فثار الملك وصار يضطهد المسيحيين بكل قسوةٍ. استطاع الملك أن يغوي يعقوب لينكر الإيمان. وكان له خادم يدعى فاكيوس وكان مؤمنًا تقيًا، صار فيما بعد أسقفًا وسجل لنا حياة هذا الشهيد.
رسالة من والدته وأخته:
أبلغ فاكيوس خبر ارتداده لوالدته وزوجته، فبكتاه بمرارة. انطلقتا إلى الكنيسة التي بناها والده، ووقفتا للصلاة من أجل توبته. اهتدى تفكيرهما بإرشاد الروح القدس إلي بعث رسالة إلى يعقوب المرتد، جاء فيها: "علمنا أنك حي ففرحنا جدًا. ثم فوجئنا بارتدادك عن السيد المسيح بإرادتك، فحزّنا عليك كثيرًا أكثر من حزننا لو كنت قد انتقلت إلى السماء بإيمانك... هل في لحظة من الزمان تفقد جهادك وإكليلك؟ لماذا لم ترجع إلى نفسك؟ هل فكرّت في الدينونة الرهيبة؟ أما تخاف الله وترتعد من قوة الله العظيمة التي سوف تأتي عليك؟ لقد كان في إمكانك أن تجلس حول السيد المسيح في العرش، لكنك سوف تكون على اليسار، مرفوضًا من الله وملائكته وقديسيه بسبب ارتدادك... لماذا تركت عنك الإيمان بالسيد المسيح واتبعت العناصر المخلوقة كالنار والشمس؟ فإن لبثت على ما أنت عليه تبرأنا منك وحسبناك كغريبٍ عنا". إذ قرأ الرسالة انفتح قلبه والتهبت مشاعره بقوة عظيمة، فصار يبكي بمرارة، وسقط على الأرض، وقال: "إذا كنت بعملي هذا قد تغربت عن أهلي وجنسي، فكيف يكون أمري مع