يوأنس الخامس عشر البابا التاسع والتسعون
لم ينقضِ أسبوع واحد على انتقال أنبا مرقس الخامس البطريرك الثامن والتسعين سنة 1619م حتى اتفقت الآراء بسرعة عجيبة على اختيار الراهب الأنطوني "يوحنا الملواني" العالم بالكتب المقدسة المشتهر بنقاوة القلب والتقوى والورع، وكانت رسامته في أيام السلطان عثمان وولاية مصطفى باشا والي مصر.
القاضي العادل:
من سمات هذا الأب المبارك عطفه الشديد على الكهنة، ولم يكن يحابي بالوجوه، كسيده لم يكن يظلم أحدًا، لذا لقبوه باسم "القاضي العادل".
أوبئة ومجاعات واضطرابات في أيّامه:
سنة 1622م حدث وباء أُطلق عليه الموت الأسود، كما حدث وباء آخر سنة 1625م، وخلال هذه الأوبئة والمجاعات والاضطرابات ذاق الأقباط ظلمًا مضاعفًا، فكثيرًا ما كانوا يلزمونهم بالسير على الشمال ليتركوا اليمين لغيرهم، وكثيرًا ما كانوا يمنعونهم من ركوب الخيل. وما هو أَمَرّ من هذا كله كثيرًا ما كانوا يمنعونهم من إقامة شعائرهم الدينية والتضييق عليهم بكل نوعٍ. رغم اضطراب البلاد من جراء الضيق الذي فرضه الأتراك على المصريين عامة والقبط خاصة، والتعسف في جمع الضرائب بأنواعها، فان البابا السكندري قام برحلتين رعويتين يُثَبِّت فيها المؤمنين بحب جارف نحو الكنيسة.
رجل مبادئ:
وكانت مبادئ البابا سببًا في القضاء عليه، ففي طريق عودته من رحلته الثانية في أنحاء مصر دخل بيت رجل غنى قبطي في أبنوب عُرف عنه عادة التَسَرِّي المرفوضة. وإذ انتهره البابا ناصحًا إيّاه أن يقلع عنها لم يقبل النصح والإرشاد فقط بل وأيضًا دسّ السم لسيده في الطعام، مما أدى بحياته في طريق عودته إلى مقر كرسيه، وكان ذلك سنة 1629م في أيام السلطان مراد الرابع، وصلّوا عليه في دير القديس أنبا بشاي بالبياضة.